صيّاد صُدفٍ ماهر
1 –
الوحوش أنواع وأحجام مختلفة. والانطباع السائد عن الوحش بأنه يجب أن يكون كبير الجثة بشع الهيئة تنطلق منه أصوات مدوية وروائح كريهة أينما حل هو انطباع متسرع. المسألة ليست في الحجم بقدر ما هي بالفعل وبالتأثير؛ والمعيار الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند الحديث عن الوحوش هو ذاك المتعلق بحجم الأذى الذي يمكن أن يحدثه ذاك الوحش وليس شيئًا آخر. وبالتالي سنصل إلى نتيجة مفادها أن فيروسًا لا يمكن أن يرى بالعين المجردة هو في حقيقته وحش فتاك بموجب ذاك الأذى الذي يمكن أن يفوق أي تصور.
موفق ينتمي إلى تلك الفصيلة. مشكلته الحقيقية هي أن أحدًا لم يكن يراه أو يلحظ وجوده إلا بصعوبةٍ بالغة. تلك المشكلة لم تقف عند حدود قصر قامته فقط، بل امتدت إلى عمله الذي هو كل حياته. عند تخرجه من كلية الحقوق لم يكن له حلم سوى الانضمام إلى سلك الشرطة، بل إنه دخل إلى تلك الكلية بالذات حتى يصل إلى كلية الشرطة. لم تكن الكلية الحربية خيارًا محبذًا ليس بسبب قصر القامة فقط، بل وأيضًا لأن موفق كان يعلم سلفًا أن الخيارات هناك ستكون محدودة جدًّا وقد تصل به إلى أن يصبح ضابطًا مهملًا في قطعةٍ عسكريةٍ منسيةٍ وسط الصحراء أو في مكان لا تصل حتى القرود إليه أو، في أحسن الأحوال، موظفًا عسكريًّا ثانويًّا في مؤسسة عسكرية لا يكترث بها أحد، حتى أولئك الذين أوجدوها أو ورثوها دون أي تصور لأي دور يمكن أن تلعبه إلا ضمن الشبكة الكبيرة لإعادة توزيع الثروة القومية على أفراد مخصوصين ومحظوظين، هو لن يكون منهم. كان موفق يبحث عن دور وعن نفوذ، وفي الجيش كان الأمر مقتصرًا في الغالب على أبناء طائفة لم يكن موفق ينتمي إليها لسوء حظه.
لذلك كان سلك الشرطة هو الخيار الأنسب لدور ونفوذ احتاج موفق وقتًا لا بأس به حتى أدرك أنه فهم ترتيب تلك المعادلة بطريقة معكوسة. فالنفوذ يأتي قبل الدور وليس العكس.
عندما باشر عمله كان معنيًّا فعلًا بأن يحرز تقدمًا فيه، وحتى لا تذهب الظنون بعيدا، فإن موضوع الكفاءة المهنية كان قد أصبح مذمة لحامله أو الساعي خلفه، عندما تخرج موفق من كلية الشرطة في بداية التسعينات، لذلك لم تكن تلك الكفاءة مسعى موفق بأي حال من الأحوال. التقدم من وجهة نظر موفق وغيره ممن بدؤوا حياتهم العملية في مختلف القطاعات، كان يعني شيئًا واحدًا فقط: نيل رضا المعلم والارتقاء من خلال هذا الرضا بالذات. ولأن معلم موفق وغيره من المعلمين، في أي قطاع، كانوا بدورهم قد وصلوا إلى قناعة بأن المعنى الوحيد لوجودهم في إدارات مواقعهم هو مقدار ما يستطيعون انتزاعه من أموال عبر مؤسسة الفساد التي بدأت في ذلك الوقت العمل بأزيز أقوى من ذي قبل، فإن الرضى المطلوب بات يعني شيئًا واحدًا فقط لا غير: إدخال المعني ضمن شبكة المعلم التعاونية للسيولة النقدية لإنقاذ المحتاجين.
موفق لم يكن ملتفتًا إلى تلك السيولة في بادئ الأمر. فهي وحسب فهمه للأمور تحصيل حاصل، لذلك كان يركز أكثر على الدور الذي لم يكن يفهم أنه لم يعد له وجود خارج إطار تلك الشبكة. ولذلك سعى وبحماقة كانت تثير ضحك الجميع، إلى لفت انتباه المعلم عبر سلوك اتسم بالشراسة الشديدة مع جميع المعتقلين وبمختلف التهم لدرجة يصير معها أي معتقل جاهزًا للاعتراف بأنه هو من ابتكر ونفذ ونشر فايروس الإيدز في العالم كله، حتى ولو كانت تهمته كسر قفل مستودع يمتلكه لأنه أضاع المفتاح ولأن الدورية ألقت القبض عليه ليلًا دون أن تتثبت بأنه يمتلك ذلك المستودع فعلا!
ولم يكن مثار الضحك سلوك موفق المُتّسم بالمبالغة فقط، بل أيضا إدراك الجميع بأن موفق يُصدّق فعلًا أنهم، الشرطة الجنائية، يمتلكون سطوة على الآخرين تجعل ذاك الخوف، المشتهى، مقيمًا في نفوس الجميع. دون الحديث طبعا عن المعتقلين الذين وما أن يغادروا النظارة حتى ينسون أي أثر تركته تلك التجربة، التي لم يعد يبقى منها إلا نظرة احتقار تطغى على وجه المعتقل السابق إذا ما صادف أحد عناصر الشرطة الجنائية في الطريق. النظرة التي لم يكن يبذل صاحبها أي جهد لإخفائها. كانت السطوة، التي توهم موفق أنه يمتلك جزءًا منها، موجودة في مكان آخر تمامًا ومحصورةً بأشخاص آخرين. سطوة تجعل حتى العميد، رئيس فرع التحقيق الجنائي، لا يجرؤ على النظر في عيني رقيب أول يعمل في المخابرات في حال استدعى الأمر مواجهة حقيقية.
لم يكن موفق بحاجة إلى وقت فقط، بل أيضًا إلى تلك الرغبة الحارقة لأن يلعب دورًا يلفت انتباه الآخرين إليه حتى يصل في النهاية إلى منبع النفوذ. وعلى عادته فإنه لم يقبل أن يكون أقل قدرًا من الآخرين حتى ضمن الشبكة الخاصة بالمعلم التي حظي بالدخول إليها. لذلك وبعد وقت، لم يكن قصيًرا في لحقيقة، صار فعلًا موضع رضا المعلم وفوق الجميع.
2-
يخطئ من يعتقد بأن التحقيقات التي تتبعها فروع المخابرات بمختلف أشكالها مع المعتقلين، أو من هم في حكمهم، تقتصر فقط على التعذيب الجسدي. هناك تعذيب نفسي لا يحتاج معه المحقق إلى التخصص في علم النفس أو استدعاء متخصص لمساعدته. الجو العام في تلك الفروع مع بعض الخبث كافيان لجعل المعتقل أو المطلوب للتحقيق يعيش جحيمًا لا يطاق، بدءًا من ذاك الشعور المخجل بالعجز عن مقاومة التبول في سرواله من الرعب.
العيون تفضح أصحابها. هذه حقيقة يعرفها الجميع. والخبث هنا أشبه بميكانيزم لا يمكن أن يعمل بوجود ذرة من تعاطف إنساني مع مادة التحقيق. أي المعتقل أو المُستدعى للتحقيق معه. ولأن أجواء فرع الأمن الجنائي لا تأخذ عادة على محمل الجد، إلا من قبل من تورط في مشكلة يمكن تجاوزها مهما كان حجمها، برشوة، فإنها لا تستدعي الإحساس بالعجز عن مقاومة التبول إلا إن كان المحقق نفسه هدفا لهذا التيار الغزير. لذا فإن الإجراءات المتبعة عادة من قبل المحققين هناك، وإن لم تختلف في شكلها عن بقية فروع المخابرات، المرعبة فعلًا، تتجه فورًا إلى قراءة العيون للوصول إلى قيمة المبلغ الممكن انتزاعه من الزبون. حيث قيمة المبلغ، مهما كان زهيدًا، تلعب دور المانع أمام أي شكل من أشكال التعاطف المُعطّل لميكانيزم الخبث.
جلّ ما عنى لموفق أن يعرفه وهو يُدقّق النظر في عيني فريسته الجديدة، جواد، الواقف أمامه في مكتبه بعد أن أبقاه نصف نهار في حالة انتظار راهن أنها ستزيد من قلقه، معرفة إن كان بإمكانه الحصول على كامل الأربعة عشر مليون ليرة التي اختفت بعد وفاة أيمن، مدير جواد في العمل، في مكتبه.
الأمر برمته كان صدفة. ولكن من قال إن دكان الأمن الجنائي كان مفتوحًا لشيء آخر غير تلك الصدف؟ لعبة العسكري والحرامي القديمة، مع فارق أن تبادل الأدوار يبقى قائما طيلة مسار اللعبة. كل ما استطاع موفق تحصيله للمعلم، مع اقتطاع نسبته منه، كان ناجمًا عن صدف. بل إنه اكتسب سمعته المميزة أمام المعلم، والجميع، من خلال قدرته على تحويل تلك الصدف إلى حقائق ملموسة تولد دخلًا يمكن أن يكون ثابتًا ولفترات زمنية لا بأس بها في بعض الحالات. كأن يتم إلقاء القبض على عصفوري حب في خلوة غير شرعية في شقة مشبوهة، وتكون المداهمة قد تمت لأسباب أخرى لا علاقة لها بأي نوع من أنواع الخلوات. ويتبين لاحقا، وبعيدا عن التحقيق، أن الأمر برمته خيانة زوجية من قبل الطرفين اللذين، ولحظهما العاثر فوق كل عثرة، على صلة عائلية تستدعي عدم فضح تلك العلاقة وإلا كانت الكارثة. وهنا يبدأ الابتزاز من الطرفين حتى آخر قطرة يمكن تحصيلها، أو أن يتم إلقاء القبض على مهرب عملة خلال فترة حظر التداول بالعملة الصعبة، أو حتى على مروج مخدرات، ويتبين لاحقا، وليس قبل فوات الأوان، أن هذا المُهرّب أو المُروّج على صلة بكبار سيجدون طريقة لإخراجه وإخراج عملية الإخراج بأفضل شكل ممكن وفي الوقت المناسب. فتبدأ المفاوضات، على طريقة بيدي لا بيدك يا عمرو، بالاستناد إلى المعلومات التي حصّلها موفق واستطاع استخدامها في الوقت المناسب مُجنّبا الجميع الإحراج ومقتطعا نسبة من الغلّة له ولمعلمه دون أن تثير حفيظة صاحب النفوذ الأكبر الذي يُفضّل في هذه الحالة إبقاء رجاله خلف الستار تاركًا العملية تتم على مبدأ الضريبة الواجب دفعها، من قبل المقبوض عليه بالطبع، شريطة ألا تتكرر مرة أخرى وإلا كانت انتقاصًا مُعلنًا من نفوذ يجب ألا يمس.. وهكذا..
صياد صدف ماهر كان موفق بحيث لا يترك شيئا للصدفة، لذلك وما أن وصله كشف المكالمات الهاتفية على رقمي أيمن الجوال والأرضي حتى بدأ بالتدقيق بالرغم من أن التحقيق كان قد أُغلق رسميًّا بعد أن ثبت بأن الأخير قد توفي فعلًا بسبب أزمة قلبية ليس إلا. ولكن هل هناك شيء رسمي، أو حتى خاضع للقوانين، في عمل موفق؟! كان المُلفت أنه وخلال فترة الظهيرة، الفترة التي يفترض أن الأزمة القلبية قد وافت أيمن خلالها حسب تقرير الطبيب الشرعي، وصلته ست مكالمات على جواله من رقم واحد. وكذلك أربع مكالمات على هاتفه الأرضي من رقم أرضي واحد. المتصل كان يُلح في طلب أيمن. اتصل بالرقم ليكتشف أن المتصل وعلى الرقمين كان شخصًا واحدًا وهو صاحب مكتب عقاري ذكر بأن أيمن كان قد وعد بالحضور لبازار شراء أرض في يعفور. الكلمة الأخيرة جعلت قرون استشعار موفق تقف رغما عنه. سعر الدونم الواحد هناك وفي موقع ليس رئيسيًا قد يصل إلى عشرة ملايين ليرة. وكلمة بازار تعني أن أيمن كان جاهزًا للشراء أو على الأقل لدفع رعبون. لذلك أخذ عنوان المكتب واتجه إليه على الفور.
تبيّن له أن توقعاته كانت في محلها وأن أيمن كان ينوي شراء دونمي أرض يريد إلحاقهما بثلاثة دونمات أخرى ملاصقة كان قد اشتراها في وقت سابق، وكان البيع فرصة فعلًا لأن السعر قد وصل إلى سبعة ملايين ليرة للدونم الواحد بسبب اضطرار صاحب الأرض للسيولة وإلا لما كان باع بأقل من عشرة ملايين للدونم الواحد. هذا ما ذكره صاحب المكتب معربًا عن أسفه لسماع خبر وفاة أيمن ومعقبًا مع ابتسامة ماكرة أنه أدرك بأن أمرًا جللًا قد حصل للأخير وإلا ما كان فوت فرصة كان يسعى خلفها طيلة عام كامل.
أما الصدفة الثانية، فكانت عبر رقم جوال آخر تكرر ظهوره في سجل المكالمات الصادرة عن جوال أيمن أربع مرات من الثامنة صباحًا حتى الثانية عشر ظهرًا، أي قبل موعد مغادرة أيمن لمكتبه حسب أقوال لميس، سكرتيرة أيمن. كان الاتصال بهذا الرقم هو أول ما فعله موفق بعيد مغادرته للمكتب العقاري، لتكون المفاجأة. فما أن طلب الرقم حتى ظهر اسم السمسار العقاري الذي يتعامل معه هو شخصيّا على شاشة جواله. طلب منه تحضير القهوة وانتظار وصوله.
في مكتب سمساره العقاري علم بأن أيمن كان قد باع في نفس اليوم شقة يمتلكها في مشروع دمر بمبلغ أربعة عشر مليون ليرة وأنه قبض المبلغ نقدًا حوالي الواحدة والنصف ظهرًا. ولم يلبث أن استفسر السمسار مذعورًا بعد أن علم بوفاة أيمن، إن كان الأخير قد وافته المنية في الطريق بعد عميلة البيع. فعقب موفق، الخبير، وهو يرتشف قهوته بهدوء، بأن الوفاة حصلت في الخامسة مساء في مكتب أيمن إثر جلطة قلبية. استدرك السمسار، بعد الترحم الواجب، بأن أيمن ما كان ليترك هكذا مبلغ طيلة تلك الساعات دون أن يدخله في عملية جديدة على جاري عادته، وأردف وهو يحاول اخفاء ابتسامته بأن الساعة عند أيمن لها حساباتها وهي تعني نقودًا. مما جعل موفق يُعقّب، في محاولة لتغيير الموضوع، بأنه، أي السمسار، لا يقيم وزنًا إلا لهؤلاء. ويتابع متسائلا عما فعله السمسار بشقته هو في ركن الدين والتي عرضها للبيع عبر نفس السمسار منذ أكثر من عام. هنا انبرى السمسار موضحًا بأن عملية البيع التي تمت في ذلك اليوم كانت لشقة اشتراها أيمن منذ أقل من شهر وحقق فيها ربحًا لا يزيد عن المائتي ألف ليرة لكامل الأربعة عشر مليون. بينما شقة موفق، وكان نفس السمسار قد اشتراها له بمبلغ لا يزيد عن الثلاثة ملايين ليرة، ستحتاج إلى أكثر من عام لتحقق المليون ليرة الإضافية ربحًا التي يطلبها موفق. وهنا أدخل موفق السمسار في مناكفة مقصودة حول مفهوم الشوام للربح والذي يختلف عن الآخرين ليس لأنه دليل ذكاء، بل فقط لأنهم يمتلكون من السيولة ما يكفي لتقليب أرباحهم بسرعة وفي أكثر من وجه على عكسه هو، المعتر، الذي بالكاد يمتلك تلك الشقة ويريد أن يربح فيها ما يؤمن له مستقبله.
تعمد موفق إدخال السمسار في دوامة الحديث عن أمور فرعية لينقل له فكرة بسيطة مفادها أن ما حصل مع أيمن كان عاديًّا جدًا وحصل وهو داخل مكتبه محاطًا بكثر. كان تخوّف موفق أن السمسار، كثير الكلام، قد ينقل معلومة إلى الورثة، وقد خبِر جزءا من نفوذهم في نفس الصباح، فينقضون عليها ويقطعون الطريق عليه لكسب قد يستطيع تحصيله ولم يكن ليحلم به في حياته قط وفي مواجهة اثنين قادته غريزته باتجاههما.. جواد، الموظف في مكتب أيمن، ولميس، السكرتيرة.. كلاهما الوحيدان اللذان كانا يحملان نسخا من مفتاح المكتب الذي عاد إليه أيمن، بعد الثانية ظهرا، مع المبلغ الذي كان ينوي التوجه به بعد ساعة فقط إلى عملية شراء جديدة. المبلغ الذي لم يظهر له أي أثر خلال جرد موجودات المكتب.
3 –
لم يكن موفق في وارد الانقضاض على هذه الفرصة بسرعة على جاري عادته. الأمر هنا أكثر تعقيدا مما اعتاد عليه. من جهة هناك ورثة أيمن من عائلته، وإن كانوا سيكتشفون من خلال السمسار أو حصر الإرث أن هناك مبلغًا، الحقيقة ثروة، قد اختفى مباشرة بعيد وفاة أيمن؛ وبالتالي إن أسرع في الحصول على الغنيمة فقد يجد نفسه متورطا مباشرة في قضية قد تكون أكبر منه هذه المرة. ومن جهة أخرى هناك المعلم، العميد مدير فرع التحقيق الذي يتبع له موفق، وبقية الجوقة من النهابين المحيطين به. وللحقيقة، كان قد خطر له، أمام حجم المبلغ، أن يُبقي العميد بعيدًا قدر الإمكان، على الأقل في الوقت الراهن وبانتظار ما يمكن أن يصل إليه. وربما تردد العميد قليلا أمام نفوذ يبدو أن عائلة أيمن تتمتع به بحيث يسعى إلى تبييض صفحته أمامهم وتحويل الأمر إلى فائدة حصرية له وحده دون أخذ تعب موفق بعين الاعتبار. عدا عن حقيقة أن تقاعد المعلم لم يعد بعيدا جدا، وهو فعليا قد بدأ يصبح أكثر شراسة في طلب ما يجعل حياته آمنة أكثر بعد تقاعده. كل الدلائل كانت تشير إلى أن إبقاء الأمر طي الكتمان هو لمصلحة الجميع، وبالتحديد لمصلحته هو، خصوصا وأنه أمام فرصة قد لا تتكرر. وما جعل الأمر يبدو واعدًا أكثر من أي شيء آخر هو هذين العصفورين الجميلين اللذين وقعا في طريقه، جواد ولميس. إنهما الحلقة الأضعف والتي وجدت على ما يبدو بالصدفة البحتة، ولحسن حظه وسوء حظهما، في تلك السلسلة شديدة السمية من المتربصين. السلسلة التي عليه أن يكون في غاية الحذر وهو يحاول النفاذ إليها والخروج منها بكامل المبلغ إن أمكن.
* من رواية حكايا الخوف