Weiter Schreiben -
Der Newsletter

So vielstimmig ist die Gegenwartsliteratur.
Abonnieren Sie unseren Weiter Schreiben-Newsletter, und wir schicken Ihnen
die neuesten Texte unserer Autor*innen.

Newsletter abonnieren
Nein danke
Logo Weiter Schreiben
Menu
Suche
Weiter Schreiben Schweiz ist
ein Projekt von artlink
Fr | It
Logo Weiter Schreiben
Menu

موجز مختصر عن دورة حياة الأشجار

Wagdy El Komy
© Salam Ahmad, Acryl on canvas, no title

                    الشجرة المُحرمة: بدأ الخلق بشجرة..
أكل منها آباء البشر
فهبطوا إلى الدنيا..
في أحد بلدان الدنيا، يخاف الحُكام من ظلال الأشجار على الشوارع، ودقات كعوب الناس وخطواتهم، واكتظاظ جنازة بالمُعزين والمُشيعين، فظلال الأشجار تضاعف من احتمال كثرة وجود المُشاة في الأيام المشمسة، والمرأة والمرآة يضاعفان من الأجيال التي تتطلع للصراخ والغناء، ولم يكن أحد يتوقع أبدا، أن تنطلق دعوات للتظاهر في هذا البلد الصامت، فتضاعفت المخاوف أكثر وأكثر، ودفع حكام البلد بكل الجنود إلى الشوارع.
في السطور التالية، يتحدث أربعة جنود نيابة عن الكتيبة التي احتلت الميادين، والأزقة، والطرق، ويصفون ما جرى بكل دقة ما جرى معهم، حتى انتقام الأشجار منهم، وهناك قائد وضابط ينقلان لهم الأوامر العليا.
يقول الجندي رقم „1“ للجندي رقم „2“:
– خلاص..لن يتظاهر الناس..الخوف انتشر..
وها نحن وحيدون..
وليس معنا سوى الشجر..
يجيب الجندي رقم 2 زميله رقم „1“:
– أَصْغِ..!!..إنني أسمع دبيب خطوات..
هناك من تسول له نفسه بالنزول للشارع وتحدي الأوامر والتظاهر.. أَصْغِ!!
الجندي رقم „3“:
– أنا أيضا أسمع خطوات..تأتي من هناك..
وهو يشير إلى الفراغ..
لكن لم تكن هناك أية خطوات، فقط حفيف ورق الشجر..
بينما تعبث به الريحُ، تتلاطم الأوراقُ معا، فتشعر قلوب الجنود بالخوف والخطر، يلهو الهواء وحيدا في الشوارع الخالية.. لم يروا أي مواطن منذ عشرة أيام، لم ينزل أحدُ إلى الطرقات، خلت الدروب من دقات كعوب الناس، لم يُفتح محل، ولم يُدق مسمار، لم يبع أحدُ أو يشتري شيئا، الصمت خيم على المدينة..الصمت هو صوت المدينة الوحيد.
قال الجندي رقم „4“:
– لا يوجد سوى الصمت، لكن ..أليس هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة !!.ألا يقولون ذلك..؟
تفتق ذهن قائد الجنود عن أفكار جديدة لفرض النظام أكثر، أزعجهم السكوت، خاف مما قد يخيف الجنود، لأنه لا صمت للأبد، ولا سكوت للنهاية، ولابد أن يقطع العدمً الهتافُ.
قال القائد للضابط:
– إذا تركنا جنودنا لهذا السكوت المطبق، ستلتهب أعصابهم، وقد يطلقون النيران على بعضهم بعضا..لابد أن نفكر في حل..لابد أن نجد طريقة تبعد عنهم الخوف..وتجعلهم في حالة تأهب مستمرة لمواجهة المظاهرات المقبلة.
الضابط للقائد:
– فكرة عظيمة يا قائدنا..وفوائدها عديدة..لأن صمتنا معناه ضعفنا، ويشجع الناس على العودة إلى الشارع، احتلال الشارع لا يكفي، بل يجب أن نبادر بالهجوم المستمر، لا نتركهم في سلام وهناء، بل نشن حربا مستمرة على الآمنين في بيوتهم، نزرع القلق في عتبات أبوابهم، والشوك في حواف نوافذهم.
القائد:
– دع الجنود ينظرون إلى أعلى، ويتفحصون النوافذ، أية نافذة مفتوحة معناها أن أصحابها يتجسسون على القوات المرابضة، أية نافذة مفتوحة نغلقها برصاصنا..هيا..دع الجنود يتسلون.
سار الجنود في الشوارع الخالية، ورؤوسهم إلى أعلى، كانت نوافذ البيوت مفتوحة بالطبع لاصطياد النسائم الملطفة للجو الملتهب، فوجئ أصحابها بالرصاص المنهمر..
كالجراد المنتشر..
وشيش شبابيكهم الخشب ينقذف في لمح البصر..
واشتعلت النيران في المفارش والستائر المسدلة على تلك النوافذ
كأنها جحيم من السماء يتهاوى كالمطر..
علت صرخات النساء والرجال من خلفها، وبدأ باقي سكان المدينة يصكون شبابيكهم في هلع قبل أن تلقى مصير جيرانهم تعساء الحظ الذين ابتدروهم الجنود بالهجوم.
يتذكر الجنود حديث لقائدهم في المعسكر وهو يطمئنهم، أن لا أحد منهم سيتعرض للمحاسبة إذا قتل، جمعهم قائدهم في ندوة تثقيفية كما يسمونها، لكنها – الندوة- كانت بغرض تحفيزهم على ارتكاب المجازر بقلوب ليست واجفة، يتذكر الجنود أن قائدهم الذي صار إليه المُلك بعد ذلك، كان يقول بكلمات لا ريب فيها: الجيش يعني القتل، وأن تكون في جيش ما..أي أن تكون قاتلا، ولم يكن الجنود وحدهم من سمعوا هذه الكلمات، بل كل الناس في بيوتهم، كل الذين يمتلكون تلفازا سمعوها، وبعد بضعة أيام من كلماته قُتلت فتاة تحمل وردة في ميدان من الميادين، قُتلت برصاصة في الرأس، أطلقها جندي آخر، وهكذا حينما بدأ الجنود يطلقون النيران على النوافذ، كان لابد أن يصيب رصاصهم بعض الرؤوس التي تدلت في فضول لتعرف مصادر إطلاق النار وأسبابه.
الجندي رقم „1“ للجندي رقم „2“:
– أتدري ماذا فعلت اليوم..؟ بينما أطلق النار على النوافذ المفتوحة..؟ أصبت رؤوس أربعة أطفال كانوا يطلون من شباكين، ليتكم رأيتم رؤوسهم المتدلية، بينما ذووهم يجذبونهم للداخل وهم يصرخون وينوحون، اقشعر جسدي من النشوة المخيفة، ابتهاج القتل سرى في عروقي، وتوحشت داخلي حيوانيتي المكبوتة بينما أسمع الصرخات والقلوب التي تئن وتنوح من الحسرة.
الجندي رقم „3“ لزميليه رقم „1“ و“2″:
– وأنا..أتدرون ماذا كان نصيبي اليوم..؟ مسنان..أطلا في فضول العجائز بحثا عن أسباب الطلقات التي تحطم نافذتهما، ارتاحا من الفضول للأبد، تفجرت رأسهما بسرعة، انشطرتا شطرين، يبدو أن الإنسان حينما يبلغ الكبر تتفتت رأسه بسهولة بالرصاص..هذا اكتشاف يخصني وسأسجله باسمي.
الجندي رقم „4“ لزملائه:
– ألا نراجع أنفسنا في كل هذا القتل الذي نرتكبه..؟
ولكن صوته ضاع في فراغ نظراتهم المستنكرة لقوله.
الضابط للقائد:
– الخطة نجحت يا قائدنا..الآن الناس لا يفكرون مطلقا في التظاهر، بل يرغبون في تشييع موتاهم..هؤلاء الذين خالفوا الأوامر وتجرأوا وفتحوا نوافذهم على الشوارع التي نحرسها..
القائد للضابط:
– جنازات..؟ الجنازات قد تتحول إلى مظاهرات..لا جنازات..امنعوا الجنازات..الموتى يُدفنون بدون جنازات..أو يتعفنون في البيوت..لا يهم.
مُنعت الجنازات، أغلق الناس الشبابيك، أزاحوا قصاري الزرع من شرفاتهم، دفنوا موتاهم في صالات شققهم وصالوناتهم، كتموا نواحهم على مصابهم، كتموا دموعهم، تحقق للجنود ما شاءوا من انتشاء، هكذا انتشر ذعر أكثر مع لهو الجنود في المدينة، هكذا كسب قادة الجنود نقاطا أكثر، في مواجهة الناس وفي مواجهة الصمت الذي يرعبهم.
انزوى الناس أكثر في بيوتهم، أطفأوا أضواء المنازل ليلا، أغلقوا أبواب شرفاتهم نهارا، حرموا أنفسهم من ضياء الشمس، ومن ضي القمر، ظن الناس أن الجنود رحلوا، لكنهم كانوا فقط يهجعون..يأخذون فترة راحة، في انتظار صناديق الذخيرة.
حينما وصلت تلك أخيرا، حار الجنود، لأن الذخيرة لم تكن مصحوبة بأوامر جديدة، صناديق رصاص مملؤة عن آخرها كاللألئ والمجوهرات التي تسحر النساء وتسلبهم إرادتهم وتماسكهم، قال الجندي رقم „1“ لزميله رقم „2“:
– رصاص كالياقوت والمرجان، يلمع كالذهب واللؤلؤ والماس، لكن بدون أوامر.. أين أوامر إطلاق النار..؟ أين.
قال رقم „2“:
– ونحن لم نر أبدا في حياتنا ذهب ولؤلؤ وماس، طمسنا الله، وبتنا لا نعرف كيف تكون اللألئ.
بدا أن القائد قد نسى ارسال الأوامر مع صناديق الذخيرة، والصمت عاد مرة أخرى مخيفا..مرعبا، مثيرا لعقله ولعقل جنوده، لا يجب أن يعم الصمت هذه المدينة..إما الرصاص وإما الهتاف، هكذا كان يحدث الجنود أنفسهم..وكذلك القائد..فهم أيضا يخشون انتقام الناس.
الضابط للقائد:
– الذخيرة وصلت للجنود في الشوارع يا قائدي..لكن..الكل في حيرة من أمرهم..ما هي أوامرنا ..؟ ماذا يفعلون بالرصاص طالما لم يصحبه تعليمات؟
القائد للضابط:
– هاهي الأوامر..دع الجنود يطرقون الأبواب، ويطلقون رصاصة واحدة على أي رجل يفتح بابه.. أما إذا فتح الأبواب نساء المدينة، أو أطفالها، فلا يطلقون النار، ويعيدون أسلحتهم إلى غمدها.
هذه المرة أيضا كسابقتها..لم يكن لدى الناس أي علم لماذا يطرق هؤلاء الأوغاد أبواب البيوت، ببساطة كان الرجال يفتحون دائما عند الطرق، الرجال هم أرباب البيوت، معروفة، وهم وحدهم على عاتقهم تفقد باب المنزل إذا ما طرقه طارق، وهكذا، سُفكت دماء عديدة، رجال كثيرون استقرت في رؤوسهم رصاصة أو رصاصتين، وأحيانا كان الرجل ونجله هم من يُقتلون، إذا ما ساقهما حظهما العثر إلى فتح الباب معا، أو أن يفتح أحدهم الباب، ويقف ابنه خلفه، في تلك الحالة كان الجنود يصوبون، ويطلقون، ويُجندل الرجلان..الأب وابنه معا.
لكن القائد سرعان ما سارع بتعديل أوامره، مطالبا جنوده بالاكتفاء بقتل رجل واحد في كل شقة، وفي كل بيت، واعتبر ما حدث..بإرداء آلاف الآلاف من القتلى..أضرار جانبية واردة الحدوث كما يقع أحيانا في مشاريع الحروب والمناورات التدريبية.
نفد الرصاص مرة أخرى من الجنود، أرسلوا إلى القائد يستعجلوه في طلبية، وكذلك ألحوا عليه أن يزودهم بأوامر ممتعة، تقتل صمت المدينة الذي ازداد الآن وطأة وخوف وثقل على أبدانهم، الخوف من الصمت لم يخفت في قلوب الجنود حتى بعد قتل كل الرجال، خفقات قلوبهم ازدادت وكادت تخترق صدورهم من كثرة الدق، يحتاجون أوامر تُخرس خوف قلوبهم بعد كل الفظائع التي ارتكبوها، وتزودهم بهيبة شرسة، تصد أية أفكار ثأرية عند الناس للانتقام منهم.
الضابط للقائد:
– لقد استقرت الأحوال في المدينة يا قائدنا..ولكن ..هناك مشكلة بسيطة..
– ….؟
– المدينة مهجورة، المصانع خالية، المصالح معطلة، مكاتب الوزارات تلهو فيها الأشباح، محطات القطارات..مترو الأنفاق..مكاتب البريد وأكشاك بيع الجرائد..باتت كلها خرساء..كيف نعيد العمال إلى مصانعهم..وسائقي القطارات إلى قطاراتهم..وسائقي مترو الأنفاق إلى المتروهات المكدسة في المحطات بعشوائية..كيف نعيد الأطفال إلى مدارسهم..وكيف نعيد البنات إلى المغازل..؟ والعمال للمناحل..؟ من أين لنا برجال آخرين لجر قطعان الماشية..ومن أين لنا بفلاحين لزراعة الأراضي التي ماتت من الجفاف والعطش..من أين لنا بأطباء للمستشفيات..وبممرضات لحضانات الأطفال..؟
– ……
الضابط للقائد:
– قمعنا المظاهرة المقبلة وألف مظاهرة بعدها، قتلنا الرجال في بيوتهم، وقتلنا معهم الآلاف من طلاب الجامعات، والمدارس العليا، كما قتلنا الجدات اللواتي كُن يستمتعن بأيامهن الأخيرة مع أحفادهن بحكاية الحكايات والحواديت..قتلنا كل هؤلاء..والآن.. ؟ وجنودنا..؟ لا يعرفون كيف يزرعون، ولا يعرفون كيف يسمدون الآراضي..؟ بالكاد يعرفون الفارق بين الرصاصة و“كوز الذرة“ لكنهم لا يستطيعون أن يفتحوا المدارس.. أو يحكون حكايات للأطفال قبل النوم.
نظر القائد للشوارع الصامتة..كان يفكر إن الجنود لا يزالون شرهين للقتل..ماذا يفعل..؟ أيطفيء شهوة جنوده المستعرة..؟ وتفتق ذهنه عن فكرة، وقال للضابط:
– أوامر جديدة للجنود..فليصوبوا على الأشجار، لمواصلة التدريب.. رصاصة لكل شجرة.
قال الضابط:
– ولكن..؟ ستظل المدينة مهجورة..ماذا نفعل من أجل الأعمال المتوقفة..؟
أجابه القائد:
– لا تفعل شيئا..حينما يطلق جنودنا الرصاص على الأشجار، ستعود المدينة لطبيعتها، وسيعود الذين هجروا وظائفهم إليها..وستدب الحياة مرة أخرى في شرايين الشوارع.
شجرة الطوفان : حينما غمر الله الأرض بالماء..
كانت الأشجار هي وسيلة النجاة..
بها صنع „نوح“ فٌلكه
عكس ما تصور القائد، حينما بدأ الجنود في تنفيذ الأوامر..أول الأشجار التي تلقت الطلقات، سال من جُرحها سائل بُني سميك.. يشبه الشيكولاطة المذابة..سال إلى الأسفلت..وانتشر فيه..لم يمتصه الأسفلت..فظل السائل يتدافع بين أقدام الجنود، ولا ينقطع أبدا..كأن الشجرة كانت تخزنه منذ مئات السنين وتحينت الفرصة لتتقيأه خارجها، فيما واصل الجنود إطلاق النيران على جذوعها كالمجاذيب.
وهكذا..لم ينتبهوا أولا إلى السوائل البنية التي تتدفق بين أحذيتهم الثقيلة..ثم بدأوا يلحظون أن ثمة بركة عطنة بنية اللون تعلو، وتغرق „بياداتهم“ السميكة..وأن جلد هذه „البيادات“ ونعلها يذوب..ثم لحم أقدامهم بدأ يذوب ويتآكل، وبدأوا يتقافزون كمن لدغتهم عقارب أو أفاع، كان رفاقهم يطلقون النيران لا يزالون..ودويّ الرصاص يغطي على صراخ من أكلت بركة السوائل البنية قدميه، ليتهم توقفوا عن إطلاق النار على الأشجار، إذ كانت هذه هي الطريقة الوحيدة للحد من سيلان دمائها، وحينما انتبهوا لما يصيب رفاقهم، كانوا بالفعل قد حُوصروا من كل اتجاه، فأخذوا يطلقون الرصاص على البركة التي تتمدد في سرعة ووحشية باتجاه أقدامهم.
أدرك القائد والضابط ما تفعله بركة الطين البنية..كانا يقفان بعيدا يراقبان جنودهم بينما تلتهمهم البركة الساخنة، وجذوعهم تقاوم الآلام والنيران السائلة، وكانت أبخرة ملتهبة تتصاعد مع كل جندي يذوب ويتآكل لحمه بالتدريج ويصبح هيكلا عظميا مسخا، يطلق آهات أخيرة ملتاعة قادمة من أضيق بؤرة في الجحيم، لم تكن الحياة تُنتزع منهم بمجرد توقف دوراتهم الدموية، بل كانت أراوحهم تظل في تجاويف هياكلهم العظمية.
شجرة القيامة: حتى إذا اقتربت ساعة القيامة..
إذ كان بيديك فسيلة ..فلتزرعها..
الرجلان الآخيران المتبقيان، لاحظا أن الأشجار حتى في موتها، كانت لم تزل منتصبة الجذوع على الرغم من امتلائها بالثقوب، وتمتد أغصانها كأذرع وحوش تحاول أن تلتهم باقي أجساد الجنود الذين تآكلت أطرافهم ويحاولون الزحف بنصف أبدان، هربا من الموت السائل، لكن تلك البركة كانت تطاردهم لتبتلعهم، وتغرق شوارع المدينة الخالية من أهلها، مواصلة التهامهم، كان ضربا من الجنون أن يأمر القائد بإطلاق الرصاص على سوائل هذه البركة..كأنها آثرت أن تتركهما يفلتان ليرويا..ما فعلته الأشجار قبل موتها.

– Eine Million dahintreibender Worte als ein Steg für Noahs LeuteLesenمليون كلمة طافية ليطأها قوم "نوح"

Datenschutzerklärung